يقوم الانسان و الحيوان بالعديد من الأنشطة المتباينة سواء التي تحدث داخل الجسم كالاستجابات الصادرة عن الغدد الصماء مثلا و التي لا يمكن مشاهدتها مباشرة ، أو تلك التي يمكن مشاهدتها ، و التي تحدث غالبا في البيئات المحيطة به.
و لهذا أطلق العلماء لفظ السلوك علي تلك الأنواع المتباينة من نشاط الكائن الحي سواء التي تحدث داخله أو في البيئة المحيطة به و إن كان قد أختص علم النفس بدراسة السلوك بعض أنواع السلوك دون الآخرى كالتعلم و الإدراك و التفكير و التذكر .
كذلك لا ينبغي أن يغيب عن الأذهان الهدف الأساسي لدراسة سلوك الكائن الحي بوجه عام و الانسان علي وجه الخصوص هو التعرف علي الأسباب الجوهرية الكامنة وراء هذا السلوك و التي تدفع الفرد لكي يستجيب في موقف ما بطريقة محدودة تختلف عن فرد آخر تعرض لنفس المثير السابق في نفس الوقت و بصورة آخرى فإن علم النفس يهتم بدراسة الدوافع لمحاولة إلقاء الضوء علي سلوك الفرد حتي التعرف علي شخصيته بصورة عامة ، و من ثم يتضح لنا أهمية الدوافع التي تعتبر المحرك الأول وراء نشاط الانسان في شتى المواقف سواء البسيطة أو المعقدة .
هذا و سنتناول موضوع الدوافع في هذا الفصل من حيث التعرف بها و تحديد مفهومها ، ثم نشير إلي وجهات النظر المتباينة التي تناولت الدوافع من خلال بعض المدارس المختلفة لعلم النفس و بعد ذلك نتعرض لوظائف الدوافع و انواعها و كيف يمكن تعديلها و قياسها ، و نختتم الفصل بالحديث عن العلاقة بين الدوافع و التربية .
معنى الدوافع : Motives
الدوافع هي تلك الطاقة الكامنة لدي الكائن الحي ، و التي تدفعه لكي يسلك سلوكا معينا في البيئة الخارجية ، و هذه الطاقات هي التي تحدد للكائن الحي أهدافه لتحقيق أفضل تكيف ممكن مع بيئته ، و بمعنى آخر فالدافع هو حالة فسيولوجية أو سيكولوجية داخل الفرد تجعله يقوم بانواع معينة من السلوك في اتجاه محدد
كما تهدف إلي خفض حالة التوتر لدية و تخليصه من حالة عدم التوازن ، و من ثم يتضح لنا أن الدافع لا يمكن أن نراه أمامنا و إنما يمكن الاستدلال عليه عن طريق نتائجه ، و لذا فهو يعتبر تكوين فرضي حيث أن الذي يمكن رؤيته أو مشاهدته مجموعتين من العوامل ، اما أولهما فهي تلك المثيرات أو المنبهات الداخلية أو الخارجية التي تسبق الدوافع
والثانية هي تلك الأنماط السلوكية التي تصدر عن الكائن الحي و التي تلي تلك المثيرات أو المنبهات ، و التي تلتزم اتجاها معينا من اجل تحقيق هدف محدد ، ثم يتوقف تتابع السلوك بعد الوصول إلي الغاية المنشودة.
و أبسط مثال لذلك حالة الطفل الجائع الذي يشعر بالألم نتيجة تلك التقلصات التي تحدث من حين لأخر في معدته الخاوية من الطعام نتيجة مرور زمن ليس بالقصير ، بين تناوله إفطاره و تلك الأونة التي يشعر فيها بالرغبة الشديدة في تناول الطعام ، و التي نرى فيها أنه قد بدأت عملية التوتر المتمثل في تكرار سؤاله عن الطعام و البحث عنه بأي وسيلة ممكنه حتي يحصل عليه.
ثم تجده قد تغير من حالة التوتر و التبرم و الضيق إلي حالة من الاسترخاء و الراحة و يعتبر المحرك الأساسي لسلوك الطفل في المثال السابق هو حاجته الملحة إلي الطعام أو الدافع إلي الجوع كما يطلق عليه البعض .
و لكي يتضح أكثر معني الدوافع ينبغي أن نلقي الضوء علي بعض المصطلحات الآخرى اللصيقة الصلة بها ، و التي تستخدم في مضمار الدافعية و هي :
الحوافز : Drives
و هي تطبق علي مجموعة من المثيرات الداخلية التي تستثير نشاط الكائن الحي و تجعله علي أهبه الاستعداد للقيام باستجابات معينه تجاه موضوع محدد في البيئة الخارجية أو البعد عنه ، و التي تجعله في حالة من الضيق و التبرم ، و من أمثلة حافز الجوع و حافز الاحساس بالسخونة نتيجة الألم الناجم عن ملامسة جسم درجة حرارته مرتفعة .
البواعث : Incentives
و هي من الموضوعات التي يتجه إليها الكائن الحي و تحدد طبيعه استجاباته سواء نحوها أو بعيدة عنها ، والتي بدورها تعمل علي خفض حاله الضيق و التبرم التي يشعر بها ، و من أمثلة ذلك الماء الذي يقابل حافز العطش و هكذا .
كذلك ينبغي ان ننوه إلي أن كلا من الحوافز و البواعث منفصلين فقط من حيث الحديث عنهما نظريا ، أما من الناحية الوظيفية فهما متداخلان تماما ، و الدليل علي ذلك في حالة حافز الجوع تجد الكائن الحي في بداية إحساسه بالجوع لا يرضى إلا بطعام محدد.
و لكن عندما يشتد له الجوع يرضى بأي صنف من الطعام حتى و لو كان رديئا و هنا نجد ان حافز الجوع يثير الكائن الحي للبحث عن الطعام و هو بدورة يستشير حافز الجوع و هكذا .
تعليقات
إرسال تعليق