قلق المستقبل future anxiety
مقدمة:
يعد قلق المستقبل هو أكثر ما يثير القلق لدى المراهقين والشباب في المستقبل وذلك نتيجة الإمكانيات الحاضر المتواضعه، والضغوط المستمرة، وعدم الكفاءة في التصدي لمشكلات الواقع، والتغيرات المتتابعة والبيئة المشبعة بعوامل الخوف والحرمان وعدم الأمن، وارتفاع سن الزواج وعدم القدرة على تحمل مصاريف تكوين أسرة جديدة وكذلك الظروف الإقتصادية السيئة، وقلة فرص العمل ونتيجة لهذه المشكلات والضغوط يعيش الشباب والمراهقون في حالة من القلق على حياتهم ومستقبلهم، ونظرتهم المتشائمة نحو المستقبل؛ بسبب عدم قدرتهم على تحقيق الأهداف وكذلك فقدانهم للأمل في المستقبل فبذلك أصبح المستقبل بالنسبة للبعض هو مصدر للرعب والخوف؛ نتيجة لحالة التحدي الذي يعيشون فيها في حياتهم اليومية والتعامل مع المجتمع (ابراهیم اسماعيل، 2006، ص 87).
وأكدت دراسات أندرو ماكلويد وأنجيلا بيرن (Macleod and Byrne, 1996, p.286) إلى أن ارتباط القلق بتصورات وتنبؤات المستقبل، أي بقدر ما تكون تصوراتنا المستقبلية إيجابية كانت أم سلبية وعبر هذه التوقعات يمثل مستوى القلق انخفاض أو ارتفاعا.
كما تبين دراسة (أندرو ماكليود) أهمية الجانب المعرفي في حدوث القلق المستقبلي وبينت نتائجها أن الفرد القلق ينشغل مسبقا بأفكاره الحالية والمستقبلية، وأن التخزين الأكبر للتفسيرات السلبية وسهولة تواردها إلى ذهنه؛ تجعل الشخص القلق يعتقد باحتمال النتائج السلبية المستقبلية (Macleod, 1994, P.125).
ونخلص مما سبق أن عصرنا الحالي فرض على المجتمع أن يسير وفق آليات معينة ومنهج مزدحم بالعديد من القيود والواجبات تفرضه المدنية والتطور العلمي والتكنولوجي، وقد انعكس ذلك بصورة تلقائية على الشباب ونظرتهم للحياة فبدأوا ينظرون إلى حياتهم نظرة تشاؤمية تسودها غيوم سوداء، وذلك في ظل كثرة الضغوط الحياتية، وقلة الخبرات الميدانية بالإضافة إلى الضغوطات والمشكلات النفسية والاجتماعية، لذلك انتشر بينهم العديد من الشكاوى النفسية كالقلق من المستقبل والتشاؤم والوحدة النفسية والاكتئاب.
مفهوم قلق المستقبل:
لقلق المستقبل عدد من التعريفات منها:
يعرفه (Zaleski, 1996, P.163) بأنه حالة من التوتر وعدم الاطمئنان والخوف من التغيرات غير المرغوبة في المستقبل، وفي الحالة القصوى فإنه يكون تهديدا بأن هناك شيئا ما غير حقيقي سوف يحدث للشخص.
كما يعرف محمد عبد التواب (1996، ص 97) قلق المستقبل "بأنه القلق الناتج عن التفكير في المستقبل والشخص الذي يعاني من قلق المستقبل هو الشخص الذي يعاني من التشاؤم من المستقبل والاكتئاب والأفكار الوسواسية، وقلق الموت واليأس، كما أنه يتميز بحالة من السلبية والانطواء والحزن والشك والتثبيت والنكوص وعدم الشعور بالأمن".
وتوضح إيمان صبري (2003، ص 60) قلق المستقبل بأنه: الخوف من شر مرتقب في المستقبل الناتج عن تكامل بين قلق الماضي والحاضر والمستقبل.
ويعرفه محمود عشري (2004، ص148) بأنه خبرة انفعالية غير سارة، يمتلك الفرد خلالها خوف غامضأ نحو ما يحمله الغد الأكثر بعدأ من الصعوبات والتنبؤ السلبي للأحداث المتوقعة.
وتشير نجلاء العجمي (2004، ص 11) إلى قلق المستقبل بأنه "قلق محدد يدرك الفرد أسبابه ودوافعه، ويصاحبه عادة صور من الخوف والشك والاهتمام والتوجس بما سيحدث من تغيرات سواء كانت شخصية أو غير شخصية ينتج من الشعور باليأس وعدم الأمن وعدم الثقة في التحكم بالنتائج والبيئة.
وترى زینب شقير (2005، ص 5) قلق المستقبل على أنه "خلل أو اضطراب نفسي المنشأ ينجم عن خبرات ماضية غير سارة، مع تشويه وتحريف إدراكي معرفي للواقع وللذات من خلال استحضار للذكريات والخبرات الماضية غير السارة، مع تضخيم للسلبيات، ودحض للإيجابيات الخاصة بالذات والواقع، تجعل صاحبها في حالة من التوتر وعدم الأمن؛ مما قد يدفعه لتدمير الذات والعجز الواضح، وتعميم الفشل وتوقع الكوارث، وتؤدي به إلى حالة من التشاؤم من المستقبل، وقلق التفكير بالمستقبل، والخوف من المشكلات الاجتماعية والاقتصادية المستقبلية المتوقعة، والأفكار الوسواسية وقلق الموت واليأس".
بينما يرى آخرون من أمثال إبراهيم إسماعيل (2006، ص 13) بأن قلق المستقبل هو قلق ناتج عن التفكير غير العقلاني وغير الواقعي في المستقبل والخوف من أحداث سيئة يتوقع حدوثها مستقبلا .
ويعرفه إبراهيم بلكيلاني (2008، ص 27) بأنه اضطراب نفسي سببه حالة خوف من المستقبل الأسباب قد تكون واضحة أو مجهولة، تجعل الشخص في حالة سلبية تشعره بالتوتر أو العجز عن مواجهة المواقف وتحدياتها.
ويعرفه غالب المشیخی (2009، ص 47) بأنه "الشعور بعدم الارتياح، والتفكير السلبي تجاه المستقبل، والنظرة السلبية للحياة، وعدم القدرة على مواجهة الأحداث الحياتية الضاغطة، وتدني اعتبار الذات، وفقدان الشعور بالأمن مع عدم الثقة بالنفس".
وعرفت إقبال الحمداني (2011، ص 13) قلق المستقبل على أنه حالة انفعالية متمثلة بالترقب أو التوقع مصحوبة بعدم الاطمئنان أو الارتياح لما تحمله الأيام القادمة تدفع الفرد إلى التفكير في مستقبل حياته وما ستؤول إليه في ظل ظروف حياتية متغيرة تحصل خلالها أمور غير متوقعة للفرد، تكن مبعث ألم للفرد.
وتعرف هيام العابد وأخرون (2015، ص 28) أن قلق المستقبل هو حالة نفسية انفعالية تسيطر على الشخص ناتجة عن التفكير المستمر بالمجهول وبالغد المقبل نتيجة خوفه مما ستحمله له الأيام المقبلة تزداد صعوبة هذه الحالة مع ضعف الوازع الديني والثقة بالنفس، وقلة الإيمان بالقضاء والقدر.
المراجع:
- إبراهيم محمد بلكيلاني (2008). تقدير الذات وعلاقته بقلق المستقبل لدى طلاب الجاليات العربية المقيمة بمدينة أوسلو في النرويج. رسالة ماجستير غير منشورة، كلية الآداب والتربية، الأكاديمية العربية المفتوحة، الدنمرك.
- إبراهيم محمود إسماعيل (2006). فاعلية الإرشاد العقلاني الانفعالي في خفض قلق المستقبل لدى طلاب التعليم الفني. رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة أسيوط.
- محمد عبد التواب معوض (1996). أثر كل من العلاج المعرفي والعلاج النفسي الديني في تخفیف قلق المستقبل لدى عينة من طلبة الجامعة. رسالة دكتوراه غير منشورة، كلية التربية، جامعة القاهرة.
- إيمان محمد صبري (2003). بعض المعتقدات الخرافية لدى المراهقين وعلاقتها بقلق المستقبل والدافعية للإنجاز. المجلة المصرية للدراسات النفسية، الجمعية المصرية للدراسات النفسية، 13 (38)، ص ص 53- 99.
- محمود محي الدين عشري (2004). قلق المستقبل وعلاقته ببعض المتغيرات الثقافية - دراسة عبر حضارية مقارنة بين طلاب بعض كليات التربية بمصر وسلطنة عمان. المؤتمر السنوي الحادي عشر للإرشاد النفسي، جامعة عين شمس، المجلد الأول، ص ص 139- 178.
- نجلاء محمد العجمي (2004). بناء أداة لقياس قلق المستقبل لدى طلاب وطالبات جامعة الملك سعود. رسالة ماجستير غير منشورة، كلية التربية، جامعة الملك سعود.
- زینب محمود شقير (2005). مقياس قلق المستقبل. القاهرة : مكتبة النهضة المصرية.
- غالب محمد المشيخي (2009). قلق المستقبل وعلاقته بكلا من فاعلية الذات ومستوى الطموح لدى عينة من طلاب جامعة الطائف. رسالة دكتوراه غير منشورة، كلية التربية، جامعة أم القرى، المملكة العربية السعودية.
- إقبال رشيد الحمداني (2011). الاغتراب - التمرد - قلق المستقبل. عمان: دار الصفاء .
- يام زياد عابد وأخرون (2015). قلق المستقبل وعلاقته بفاعلية الذات ومستوى الطموح لدى طلبة المرحلة الثانوية العامة في محافظة غزة. رسالة ماجستير، كلية التربية، الجامعة الاسلاميةغزة.
- Macleod, A. K. (1994). Worry and explanation – based pessimism. Implication for: Worrying : perspectives on theory. Assessment and Treatment: John Wiley &sons Ltd.
- Zaleski , Zbigniew. (1996). Future Anxiety : Concept , Measurement , and preliminary research. Studia psychological, Vol. 21 (2) p165-174.
تعليقات
إرسال تعليق