برامج إعداد المعلم في مصر
إذا نظرنا إلى برامج إعداد المعلم في كليات التربية في مصر نجد أنها تتضمن ثلاث مجالات هي: (الإعداد الثقافي، الإعداد التخصصي، الإعداد المهني).
الإعدادي الثقافي:
المعلم - أي معلم - هو إنسان يعيش في مجتمع، ولذلك يجب أن يزود بما يمكن أن يحتاجه الإنسان المواطن من خبرات حتى يكون ملماً بثقافة المجتمع الذي يعيش فيه من ناحية، وملماً بثقافات أخرى غير ثقافة مجتمعه من ناحية أخرى، وذلك يساعده على تقديم العون والإرشاد لتلاميذه وتوجيههم نحو مصادر المعرفة، ومن شأنه أيضاً أن يجعله غير متعصب بل متفتح الذهن مقدراً للفكر والحرية والرأي، وترجع أهمية الإعداد الثقافي للمعلم إلى التطور الثقافي الذي يتميز به عصرنا والذي أدى إلى زيادة هائلة في المعلومات إلى درجة جعلت الكثيرين يطلقون عليه عصر الانفجار المعرفي وثورة المعلومات، ويعني هذا أنه من العسير مواجهة متطلبات مهنة التعليم السريع في أنماط الحياة دون قاعدة عريضة من الثقافة العامة.
الإعداد التخصصي:
لما كان المعلم يعد ليقوم بتدريس مادة أو مواد معينة مثل الفرنسية أو الإنجليزية، الرياضيات، اللغة العربية، الكيمياء والطبيعة، الأحياء...إلخ، فإنه من الضروري أن يشتمل برنامج إعداده على دراسة أكاديمية للتخصص الذي يعد لتدريسه.
والبعد التخصصي يجب أن يشتمل على معارف ومهارات وقيم، ولابد من الاهتمام بحاجات الدارس واهتماماته بطبيعة العمل الذي يعد له.
هذا ونؤكد على أهمية هذا البعد التخصصي على أساس أن المعلم متخصص في مادة شأنه شأن غيره من المتخصصين الآخرين، وعليه أن يتابع ما يطرأ على مجالات تخصصه؛ وتظهر أهمية ذلك من وجهة نظر المنادين بهذا الرأي في أننا نعايش عصر الاكتشافات العلمية وما يتطلبه من تطورات متلاحقة في المقررات الدراسية في مناهج التعليم.
وإذا أخذنا معلم اللغة العربية أو الإنجليزية أو الفرنسية كمثال؛ نجد أن إعداده التخصصي يجب ألا يقتصر على المعلومات اللغوية المتعلقة باللغة وتراثها القديم، ولكن يجب أن يشمل أيضاً إتقان المعلم بنفسه لمهارات اللغة من استماع وحديث وقراءة وكتابة، إذ إنه لو لم تتوافر لديه هذه المهارة فكيف نتوقع منه أن يعلمها لتلاميذه بالإضافة إلى تعلم مهارات اللغة فإنه يلزمه تعلم الجوانب الجمالية والقيمة فيها كتذوق الأدب العربي والانفعال بالتجارب الإنسانية التي يعرض لها واكتساب اتجاهات وقيم إيجابية من التراث الذي يدرسه.
وهكذا نجد أن الإعداد التخصصي يحتل مكانة هائلة في برنامج إعداد المعلم في كليات التربية.
الإعداد المهني:
تأتي أهمية هذا الإعداد في كون التعليم مهنة؛ ويتطلب ذلك إعداد المعلم مهنياً حتى يكون عضواً على درجة من الكفاية الفنية تؤهله لأنه ينضم إلى مهنة التعليم.
وتشتمل برامج الإعداد المهني والتربوي على دراسة نظريات التربية وأصولها الفلسفية والثقافية والاجتماعية، والتربية المقارنة وتاريخ التربية، وعلم النفس ونظريات التعلم، وأساسيات المناهج وطرق التدريس، وتكنولوجيا التعليم، إلا أن إعداد المعلم مهنياً لا يقتصر على دراسة المواد الدراسية السابق ذكرها دراسة نظرية، ولكن تتضمن أيضاً التدريب الميداني التطبيقي الذي يعد بمثابة البوتقة الذي تظهر فيها كل الخبرات السابقة ثقافية وتخصصية مهنية، فهذه الجوانب الثلاثة يجب أن تتكامل وتتفاعل معاً حتى يصل المعلم إلى درجة من الكفاءة.
ويساعد البعد المهني على تنمية العديد من الكفاءات نذكر منها ما يلي:
- تحديد الأهداف.
- إعداد الدرس.
- شرح الدرس بطرق وأساليب التدريس المتنوعة لمراعاة الفروق الفردية.
- اختيار أنسب الوسائل التعليمية والأنشطة التعليمية.
- تحقيق المناخ المناسب في الفصل وذلك من خلال دراسته لنظريات علم نفس والصحة النفسية.
- تشجيع الطلاب على الإبداع والابتكار وذلك من خلال دراسته لاستراتيجيات التعليم والتعلم.
- تقويم الطلاب وفقاً للمستويات المعرفية المختلفة.
- بناء وحدات دراسية وذلك من خلال دراسته وتعرفه على المحتوى ومكوناته (تنظيم محتوى).
- معرفته والنظرية التي تستند عليها طريقة التدريس الذي يتبعها لتحقيق أهداف الدرس مما يجعله يقوم بعمله بوعي.
إن بعض الكفاءات السالفة الذكر لا تُنَمَّي بصورة طبيعية وقوية إلا من خلال الدراسة النظرية للمواد التي سبق وأن ذكرناها والخاصة بالجانب المهني لأن هذه الدراسة النظرية هي الفلسفة التي في ضوئها تكون الكفاءات المهنية مبنية على أسس سليمة.
وإذا نظرنا إلى أهمية مادة المناهج كمادة دراسية تدرس بكلية التربية ضمن المواد الخاصة بالجانب المهني ستجد أن دراستها ستغير الكثير من المفاهيم الراسخة في ذهنك فيما يخص العملية التعليمية وتجعلك معلماً متنوراً مثقفاً في مهنتك.
فلقد سمعنا وقرأنا في العقد السابق من هذا القرن أن وزارة التربية والتعليم أحدثت تطويرًا في المناهج الدراسية للنظام التعليمي في مصر في المراحل قبل الجامعية، إلا أن هذا التطوير تمثل في تغير بعض أو كل المقررات الدراسية، فهل تطوير المقررات الدراسية يعتبر تطوير للمناهج؟
إن هذا يعد نظرة قاصرة لمفهوم التطوير من جانب، وعدم فهم لطبيعة العملية التعليمية وأبعادها المختلفة من جانب آخر، كما أنها تحمل المناهج الدراسية مسئولية تدني التعليم في مصر وبهذا فهي تعكس فهماً خاطئاً لمفهوم المنهج .
مما لا شك فيه أن جودة التعليم تتوقف على مدى استجابة التعليم لما يحدث في المجتمع من تغيرات فإذا استجاب التعليم لمطالب المجتمع وتغلب على تحدياته وحقق آماله فهو تعليم جيد، فالتعليم نظام اجتماعي تقوم به الجماعة لتحافظ على نفسها وتعمل به على تقدمها ورقيها وإلا تعرضت للانهيار وربما للزوال نتيجة تقصيرها في أداء التعليم.
وبإلقاء الضوء على الأوضاع الاقتصادية والسياسية والثقافية وغيرها في المجتمعات النامية ندرك أن هناك عدداً من العوامل المهمة تؤثر في وضع استراتيجية التعليم في هذه المجتمعات ومن هذه العوامل عدم التوازن بين المواد البشرية والمواد الطبيعية، بالإضافة إلى المشكلات التي تعاني منها هذه المجتمعات والتي يعكسها التقدم العلمي والتكنولوجي في المجتمعات المتقدمة وكل هذه التحديات لا يمكن مواجهتها إلا من خلال وضع استراتيجية واضحة لها سياسة محددة تستهدف تطوير التعليم من أجل التنمية الشاملة للمجتمع.
ويتطلب تحديد هذه الاستراتيجية إجراء العديد من البحوث والدراسات الوصفية المسحية للواقع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والثقافي والتعليمي للمجتمع بفرض تحديد الصور العامة للمناهج الدراسية بأبعادها وعناصرها المختلفة خلال مراحل التعليم.
ولما كان المنهج هو وسيلة تحقيق السياسة (الأهداف) التعليمية أو بعبارة أخرى هو ترجمة هذه الأهداف إلى مواقف وخبرات سلوكية يتفاعل معها التلاميذ ويتعلمون من نتائجها ولأن دراسة المناهج جزءٌ من الإعداد المهني للمعلم سواء قبل أو أثناء الخدمة لذلك يكون من المفيد أن تتعرف على مفهوم المنهج وعناصره وتتعرف على بعض التنظيمات المنهجية خاصة وأن دراسة المناهج تعينك في تحديد الأهداف وبناء المحتوى في اختيار طرق التدريس والأنشطة والوسائل التعليمية المناسبة التي تساعد في تحقيق أهداف المنهج.
تعليقات
إرسال تعليق