يتناول هذا المقال ماهية المعاقين سمعيًا، والفرق بين الأصم وضعيف السمع والعلامات الفارقة بين كل منهما كما ذكرتها الأدبيات والدراسات.
ماهية المعاقين سمعيًا.
تهدف تربية ذوي الاحتياجات الخاصة إلى مساعدتهم علي النمو المتكامل في جميع النواحي الجسمية, والعقلية, والوجدانية إلي أقصي حد تصل إليه قدراتهم, واستعداداتهم, وتزويدهم بالقدر الضروري من المعارف والمهارات التكنولوجية التي تناسبهم، وبالوسائل والتكنولوجيا التي تلبي احتياجاتهم، ويعد التلاميذ المعاقين سمعيًا من أهم الفئات الخاصة التي يجب الاهتمام بتعليمها في مختلف المراحل التعليمية والصفوف الدراسية.
وتتعدد التوجهات حول ماهية المعاقين سمعيًا، والتي تم تصنيفها في توجهين رئيسين وهما كالتالي:
- التوجه الأول :التعريف الوظيفي، وأنصار هذا التوجه كل من ( إبراهيم الزهيري، 2007؛ إبراهيم شعير، 2014، 119)، حيث وضعوا تعريفًا وظيفيًا للإعاقة السمعية يعتمد على مدى تأثير الفقدان السمعي على إدراك وفهم اللغة المنطوقة، واستقبال مثير الصوت، والإعاقة السمعية من منظورهم تعنى: انحراف في السمع يحد من القدرة على التواصل السمعي اللفظي، ويرون أن المعاقين سمعيًا هم تلك الأشخاص الذين لا تؤدى عندهم حاسة السمع وظيفتها لأجل أغراض الحياة العادية، الأمر الذى يستحيل معه الفرد التفاعل والتواصل مع أقرانه وبيئته؛ مما يتطلب احتياجات خاصة لرعايته في القدرة على التفاعل الوظيفي مع بيئته بأساليب تتناسب مع ظروفه.
- التوجه الثاني: التعريف التربوي أو التعليمي، وأنصار هذا التوجه كل من ( أنس عبد العزيز، 2010؛ ابراهيم الدويش، 2010)، وركزت التعريفات على القصور في الاستعدادات التحصيلية والمقدرة على التعلم والتدريب، وما تفرضه طبيعة تلك الاعاقة من احتياجات تربوية، والمعاق سمعيًا من منظورهم هو: من فقد حاسة السمع لأسباب وراثية فطرية أو مكتسبة سواء منذ الولادة أو بعدها، الأمر الذى يحول بينه وبين متابعة الدراسة، ويُعيق الطفل عن معالجة المعلومات اللغوية بالاستماع وتعلم خبرات الحياة مع أقرانه العاديين بالطرق العادية، وبدوره يؤثر في الأداء الأكاديمي، ولذا فهو في حاجة إلى تأهيل تعليمي وتربوي يناسب خصائصه وطبيعة إعاقته.
ولقد اختلفت التعريفات التي استخدمت للدلالة على الأفراد الذين يعانون من الإعاقة السمعية تبعًا للمشكلات التي تصيب الجهاز السمعي، والتي تحول دون قيامه بوظائفه، أو تقلل من قدرة الفرد على سماع الأصوات المختلفة، وبالتالي مدى اكتسابهم اللغة.
وفي الوقت الذي يؤكد فيه ( زكريا الشربيني،2004،١٥٠) على أن مصطلح الإعاقة السمعية يُعد من المصطلحات العامة التي استخدمت لتميز أي فرد يعانى من فقدان السمع، بغض النظر عن درجة القصور السمعي الـذى يعانى منه.، في حين تشير ليندا أنا ( (Linda Anne MacDonald, 2007 إلى تعريف التلاميذ المعاقين سمعيًا بأنهم: التلاميذ الّذين لديهم مستوى تحصيل أكاديمي متدنٍ؛ نتيجة للعجز اللغوي والتواصلي الناجم عن فقدان السمع، بالمقارنة مع أقرانهم من عادي السمع.
أما في قاموس التربية الخاصة لعبد العزيز الشخص (2013، 211) فيري بأنها ”ضعف في قدرة الفرد على السمع، قد يتراوح بين فقدان بسيط (ضعف السمع)، إلى انعدام تام للقدرة السمعية (الصمم) والتي تقدر بأكثر من (90) درجة على مقياس الديسيبل؛ وبذلك يحتاجون إلى تدريب مكثف على طرق التواصل.
ويحدد (Miesenberger et al,2006,575 ) مفهوم الإعاقة السمعية على حسب الوقت التي ظهرت فيه؛ هل قبل اكتساب اللغة، أم بعد اكتسابها، فالصنف الأول يعاني من ضعف في التفكير المجرد، وفي عملية التواصل مع الآخرين(الصمم)، كما أنه يعتمد على اللغة البصرية في التعامل، والصنف الثاني وهو (ضعيف السمع) والذي لديه جزء من المهارات اللغوية التي قد تساعده على التفاعل مع الآخرين.
في حين تحدد( أحلام عبد الغفار: 2003، 108) المعاق سمعياً بأنه من فقد حاسة السمع، أو من كان سمعه ناقصاً، مع حاجته إلى أساليب تعليمية خاصة تمكنه من الاستيعاب، دون مخاطبة كلامية.
ونجد أن التلاميذ المعاقين سمعيًا لم يفقدوا وسيلة الاتصال البصرى، حيث يعتمدوا على الرموز والمفاهيم الشكلية، باعتبار أن معظم اتصالاتهم بمحيطهم تبنى على الاتصال البصرى واللمس، فقد أصبح حق هذه الفئة في التربية والتعليم أمرًا معترفًا به في جميع المجتمعات الإنسانية، والتي تتيح مبدأ تكافؤ الفرص التعليمية؛ فالمعاق سمعيًا إذا أحسن توجيهه وتربيته بأسلوب علمي سليم فإنه يستطيع الوصول إلى مسـتسويات تعليمية تقـترب- إلى حـدٍ كبير- مـن مستويات الفرد العادي، بل ويتفوق عليه, لذا فمن الأهمية بمكان مساعدة هؤلاء الفئة للتغلب على نقص حاسة السمع لديهم، وتوظيف الحواس الأخرى ليحقق أهدافهم الحياتية والتعليمية.
ومما سبق يمكننا الوصول إلى تعريف للإعاقة السمعية على أساس مقدار الاستجابات التي يعطيها المعاق سمعيًا، والتي تعتمد على مدى فهمه للكلام المسموع، فالشخص الذي لا يستطيع إعطاء استجابات تدل على فهمه وتفاعله مع الكلام المسموع يعتبر فاقدًا لحاسة السمع، أو من يطلق علية( فئة الصم)، أما من يستطيعوا إعطاء استجابات تدل على إدراكهم لما يدور حولهم بشرط أن يقع مصدر الصوت في نطاق قدراتهم السمعية، مع إمكانية استعمال معينات سمعية تحسن من هذه القدرة، فهؤلاء يطلق عليهم (فئة ضعاف السمع).
أما مصطلح الإعاقـة السمعـية تبعاً لدرجات السمع فهو مصطلح عام يشمل مدى واسع من درجات فقدان السمع يتراوح ما بين الفقدان الشديد للسمع وهم " الصم Deaf " وهم الذين تعوقهم إعاقتهم عن تعلم الكلام واللغة, والفقدان الخفيف للسمع وهم" ضعاف السمع Hard of Hearing" وهم الذين لا يعوقهم استخدام الأذن في فهم الكلام وتعلم اللغة, ويمكن تقديم درجة ومستوى كل منهما فيما يلى:
الأصــم Deaf :
ويعنى مصطلح الأصم في اللغة " صَـمًّ - صَمَمَاً: ذهب سمعه, ويقال: صَمَّتْ أذنه: سدت, وصم الجسد: كان صلباً مصمتاً, فهو أصم, وهى صماء، أصَمَّ صار أصَمَّ، والصماء - الغدة الصماء: ما ليس لإفرازها منفذ خارج الجسم كالغدة الدرقية، والصمم: فقدان حاسة السمع، ويقال: رجل به صمم لمن يسمع ولا يهتدى بما يسمع".( المعجم الوجيز, 1994 : 370 )
ضعاف السمع Hard of Hearing :
يرى( عبد الرحمن سليمان: 2010، 86 ) أن ضعيف السمع: " هو الشخص الذى لديه إعاقة سمعية دائمة أو مؤقتة تؤثر عكسياً على مهاراته في التعبير والاستقبال خلال اتصاله مع الآخـرين, مما يؤثر على تطـور نمـوه أو أدائه التعليمي مما يشكـل صعـوبة في تعلمه، وتحول دون مرور المعلومات اللغوية خلال حاسة السمع سواء باستخدام أو بدون استخدام معينات سمعية".
ويمكن تعريفهم بأنهم من فقدوا القدرة على حاسة السمع جزئياً سواء أكان هذا الفقد ولادياً أم مكتسباً، من تلاميذ الحلقة الأولى من التعليم الأساسي، ومن يتعلمون باستخدام معينات سمعية أو بدون ذلك، وبالتالي لا تكون حاسة السمع هي الوسيلة الأساسية في تعلم الكلام واللغة، وتتراوح الإعاقة السمعية في شدتها من الدرجات البسيطة والمتوسطة التي ينتج عنها ضعف سمعي, إلى الدرجات الشديدة جداً، ومما سبق يتضح لنا أن ضعيف السمع هو من لديه نقص في حاسة السمع أو ضعف في وظائفها.
الفرق بين الأصم وضعيف السمع:
توجد صعوبة كبيرة في التميز بين ضعيف السمع والصم, فقد نتساءل عما إذا كان من الممكن أن نضع خطاً فاصلاً بينهما أم لا؟ إلاّ أن بعض الدراسات والبحوث تبين أن من الممكن أن نقسم الصم إلى أولئك الذين ولدوا وهم لا يستطيعون السمع أو يسمعون إلى حد ضئيل جداً, أو من أصيب سمعهم في حضانتهم أو طفولتهم المبكرة بحيث لا يستطيعون النطق أو تعلم اللغة عن طريق المحاكاة, أما من ضعف سمعهم فهم من كانوا أفراداً عاديين أو يقتربون من العاديين في سمعهم, ولذلك اكتسبوا الكلام واللغة بطرق طبيعية خلال سماعها منطوقة, ثم عانوا بعد ذلك من عيب كلى أو جزئي.
فالفرق بين الأصم وضعيف السمع ليس فرقاً في الدرجة العقلية والفهم, وذلك لأن الأصم هو ذلك الشخص الذى يتعذر عليه أن يستجيب استجابة تدل على فهم الكلام المسموع من حوله, بينما الشخص الذى يشكو ضعفاً في سمعه يستطيع أن يستجيب للكلام المسموع استجابة تدل على إدراكه لما يدور حوله, بشرط وقوع مصدر الصوت في حدود قدراته السمعية، فالمعاقين سمعياً هم الأشخاص الذين يُعانون من ضعف السمع أو الذين يعانون من الصمم الكلي.( مجدى عزيز: 2003، 434)
مما سبق يتضح أن الإعاقة السمعية: تشمل كل درجات الفقد السمعي، ويمكن قياسها بوحدة قياس ديسيبل، ومن ثم نصفها بأنها عطب يصيب حاسة السمع منذ الولادة، أو قبل تعلم الكلام، يؤدي إلى الفـقد السمعي الجزئي، الذي يتطلب استخدام المعينات السمعية، أو الفقد السمعي التام، والذي يتطلب تعلم أساليب تواصل غير لفظي كلغة الإشارة وقراءة الشفاه وغيرها.
المراجع:
- ابراهيم شعير (2014): دور مناهج العلوم في الوفاء بمتطلبات التربية الوقائية بمدارس الأمل للصم وضعاف السمع، مجلة دراسات في المناهج وطرق التدريس، ج1، ع12، ص ص146- 208.
- ابراهيم عباس الزهيري(2007): فلسفة تربية ذوي الحاجات الخاصة ونظم تعليمهم، مكتبة زهراء الشروق، القاهرة، مصر.
- أحلام رجب عبدالغفار(2003): الرعاية التربوية للصم والبكم وضعاف السمع، دار الفجر العربي للنشر والتوزيع، القاهرة، مصر.
- أنس أحمد عبد العزيز(2010): أثر الاختلاف بين برامج الكمبيوتر الذكية وبرامج الوسائط المُتعددة على التحصيل والأداء المهارى لدى التلاميذ الصم، رسالة دكتوراه، كلية التربية، جامعة عين شمس.
- زكريا أحمد الشربيني(٢٠٠٤): طفل خاص بين الإعاقات والمتلازمات" تعريف وتشخيص"، دار الفكر العربي، القاهرة، مصر.
- عبدالرحمن سيد سليمان(2001): سيكولوجيه ذوي الحاجات الخاصة، الجزء الرابع" الأساليب التربوية والبرامج التعليمية"، ط1، مكتبة زهراء الشروق، القاهرة، مصر.
- مجدى عزيز إبراهيم(2003): مناهج تعليم ذوى الاحتياجات الخاصة في ضوء متطلباتهم الإنسانية والاجتماعية والمعرفية، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، مصر.
- Linda Anne MacDonald (2007): Assessment of academic achievement of students who are deaf and hear of hearing, doctor of philosophy the university of new Brunswick.
تعليقات
إرسال تعليق