لم يصل المختصون إلى تعريف واحد متفق عليه للإعاقة الحركية-جسمية وذلك لصعوبة حصر أفراد هذه الفئة وتصنيفها تصنيفاً موحداً. وبشكل عام يمكن تعريف الأفراد المعاقين جسمياً على أنهم من يعانون من عجز عظمي أو عضلي أو عصبي أو اصابة صحية مزمنة تضعف وتحد من قدرتهم على استخدامهم لأجسامهم بشكل اعتيادي وطبيعي، مما يؤثر سلباً على مشاركاتهم الحياتية، ويستدعي توفير خدمات تربوية وطبية ونفسية ومهنية خاصة لمساعدتهم (يوسف القريوتي وآخرون، 2001).
ومن الناحية التربوية تعنى الإعاقة الحركية أن يكون الفرد فى حالة تفرض قيوداً على مشاركته في الأنشطة المدرسية الروتينية، وقد لا تعني عدم القدرة على التعلم ولكنها بالضرورة تعني أن يتحمل المعلمون مسؤوليات خاصة لتكييف المواد والأدوات التعليمية لمساعدة الفرد على تخطي الحواجز النفسية والمادية التي قد تنجم عن الإعاقة. فالاعاقة الحركية بهذا المعنى عجز جسمي شديد يؤثر على التحصيل الدراسي (كمال سالم، 1998). فالمعاقين حركياً هم أولئك الأطفال الذين يعانون من اضطرابات حركية حسية سمعية أو بصرية والتي قد تؤثر في سلوكهم المدرسي إلى درجة تستدعي معها الحاجة إلى خدمات التربية الخاصة (عبدالرحمن سليمان، 2001، 55).
وهناك من يعرف الإعاقة الحركية بأنها العجز في وظيفة بعض أعضاء الجسم سواءً كانت هذه الأعضاء مرتبطة بالحركة كالأطراف، أو أعضاء متصلة بالحياة كالقلب، وتكون بصفة دائمة مؤثرة على ممارسة الفرد لحياته الطبيعية. وتعرف الحكومة الفيدرالية الامريكية (1977) الإعاقة الحركية بأنها اصابة جسمية شديدة تؤثر على قدرة الفرد على استخدام عضلاته وتؤثر على أدائه الأكاديمي بشكل ملحوظ ومنها ما هو خلقي ومنها ما هو مكتسب (سعيد العزة، 2001، 194).
ويرى فاروق الروسان (2007) أن الإعاقة الحركية تمثل حالات الأفراد الذين يعانون من خلل ما في قدرتهم الحركية أو نشاطهم الحركي بحيث يؤثر ذلك الخلل على مظاهر نموهم العقلي والاجتماعي والانفعالي ويستدعي الحاجة إلى التربية الخاصة. ويندرج تحت ذلك التعريف العديد من مظاهر الاضطرابات الحركية كحالات الشلل الدماغي، واضطرابات العمود الفقري ووهن أو ضمور العضلات والتصلب المتعدد والصرع .الخ، فلا تقتصر الإعاقة الحركية على اصابة الإنسان بالشلل فتوجد اصابات أخرى تتعلق بتلك التي تحدث في الأعصاب.
وبالنظر إلى التعريفات السابقة نجد أنها تتفق على:
- وجود خلل في جميع الأعضاء المسؤولة عن حدوث هذه الإعاقة سواءً كانت عصبية أو عظمية أو عضلية.
- أن هذه الإعاقة تفقد الفرد المعاق القدرة على القيام بالوظائف التي يجب أن يقوم بها الجسم والمتعلقة بنشاطاته الحياتية الجسمية.
- أن هذه الإعاقة بحاجة إلى تدخل طبي واجتماعي ومهني.
- أن سبب الإعاقة قد يكون خلقي أو مكتسب.
- أن الإعاقة الحركية ليست إعاقة في وظيفة عضو الحركة فحسب بل هي إعاقة في المحيط النفسي والمحيط الخارجي والاجتماعي للمعاق (إيمان حسن، 2007).
نسبة انتشار الإعاقة الحركية-جسمية:
تختلف نسبة الإعاقة الحركية -جسمية من مجتمع إلى آخر تبعاً لعدد من العوامل الوراثية والعوامل المتعلقة بالوعي الصحي والثقافي، والمعايير المستخدمة في تعريف كل مظهر من مظاهر الإعاقة الحركية. هذا بالإضافة إلى العوامل الطارئة والحروب والكوارث (فاروق الروسان، 2007) لذلك ليس من السهل تحديد نسبة الإعاقة في مجتمع ما، ذلك أن الإعاقات الجسمية متباينة جداً والتعريفات المستخدمة لها متعددة ومختلفة. وفي دراسة لهيوارد وارلانسكي (1992) أشارت إلى أن نسبة شيوع الإعاقات الجسمية تبلغ 0.5% تقريباً.
وحسب الإحصاءات الأمريكية فإن نسبة المصابين بالاعاقات الحركية بلغت 0.5% رغم التقدم الطبي والعناية الصحية، وتشير التقارير أن هذه النسبة في ازدياد. ويمكن تقدير نسبة هذه الإعاقة في المجتمعات الأخرى من خلال التقارير الإحصائية في ذلك البلد، ففي بلد كالأردن مثلاً فإن نسبة الأفراد المعاقين حركياً يشكلون نسبة عالية من المعاقين بشكل عام، إذ يشير التقرير الصادر من صندوق العمل الاجتماعي التطوعي الأردني (1979) حول موضوع تسجيل المعاقين في الأردن إلى أن عدد المعاقين حركياً هو 6479 معاقاً، ويشكل ذلك العدد ما نسبته 34.4% من مجموع عدد المعاقين في الأردن.
كما أكدت النشرة التي تصدر عن مؤسسة العناية بالشلل الدماغي في عمان عام (1986) إلى أن عدد الأطفال المصابين والمسجلين الذين راجعوا المؤسسة منذ عام (1978) إلى عام (1986) بلغ 2580 معاقاً. ومما تجدر الإشارة إليه أن تقارير النسب لهذه الإعاقة قد لا يكون صحيحاً خاصة في المجتمعات التي تخجل من الافصاح عن هذه الإعاقة الموجودة في الأسرة وذلك تبعاً للعوامل الثقافية والاجتماعية وخوف الأفراد من الأفكار الخاطئة التي تلاحق أسرة المعاقين حركياً (حابس الهواملة، 2003).
كما يلاحظ فى الأونة الأخيرة أن نسبة انتشار الإعاقات الجسمية قد تغيرت في الأعوام القليلة الماضية من الانخفاض إلى الزيادة، وتعزى هذه الزيادة إلى عوامل مختلفة من أهمها تطور الخدمات التشخيصية والعلاجية للأمراض المزمنة والإعاقات العصبية والصحية، فعلى الرغم من أن تحسن مستوى الخدمات الطبية جعل إمكانية الوقاية من الأمراض المزمنة وعلاجها أفضل حالاً مما كانت عليه في الماضي، إلا أنها من جهة أخرى حافظت على حياة الأطفال المصابين والذين كانوا يموتون مبكراً جداً في الماضي (جمال الخطيب، منى الحديدي، 1997).
المراجع:
- عبد العزيز السرطاوي(2000). الإعاقة الجسمية والصحية.
- جمال الخطيب ومنى الحديدي(1997). المدخل إلى التربية الخاصة.
- جمال الخطيب(1992). الشلل الدماغي.
- عبد المطلب القريطي(1996). سيكولوجية ذوي الاحتياجات الخاصة وتربيتهم.
تعليقات
إرسال تعليق