الكفايات التدريسية للمعلمين - مفهومها وأهميتها
الكفايات التدريسية للمعلمين
ظهرت في الولايات المتحدة الأمريكية حركة تدعو إلى إعداد المعلم طبقاً للكفايات التدريسية وذلك بضرورة تدريب هذا المعلم على بعض المهارات الخاصة بالتفاعل مع المتعلمين داخل الصف، وهذا يتطلب أن يتلقى المعلمون المهارات والاتجاهات والمعارف التي يتوقع أن تظهر في سلوكهم أثناء التدريس. وقد أظهر مفهوم الكفاية التدريسية أول مرة عام 1968م كرد فعل على الأساليب التقليدية المتبعة في كليات التربية ومعاهد إعداد المعلمين التي كانت تقوم على أن المعلم الكفء هو الذي يكتسب معلومات ومعارف نظرية تتعلق بالمادة التي سيدرسها، وقد ظهر هذا المفهوم إثر تقديم برنامـــــــــــــج لإعداد المعلمين في الولايــــــــات المتحدة، وانتشر هذا المفهـــــــــــوم على شكل حركة واسعـــــــــة في الولايات المتحدة وفي العالـــــــــم بعد ذلك، وفي عـــــــام 1973م قامت دائرة التربية في ولاية فلوريدا بإصدار فهرس لكفايات المعلم، اشتمل على (1301) من الكفايات التدريسية (شهناز الفار، 2017، 260).
وكان من أسباب ظهور هذه البرامج الإقبال الشديد على معاهد إعداد المعلمين في ذلك الوقت، وقد أدت الزيادة الهائلة في أعداد المعلمين إلى ظهور عدد كبير من المعلمين الذين لا تتوافر لديهم الكفايات اللازمة للقيام بعملية التدريس الأمر الذي تطلب برامج تقوم على الكفايات، يضاف إلى ذلك ظهور مفاهيم جديدة في التقويم مثل: التقويم البنائي والتقويم الذاتي والتغذية الراجعة.
ومن المبادئ التي قامت عليها برامج إعداد المعلمين المبنية على الكفايات أن لكل معلم إمكانية الوصول إلى تحقيق الأهداف، وأن معيار النجاح في هذه البرامج هو إظهار القدرة على القيام بالمهمة التدريسية وإعطاء فرصة أكبر للمشاركين في التخطيط، والتوجيه، وقيادة المجموعات، وتطبيق عمليات التقويم باستمرار على أساس معايير مرتبطة بالأهداف، والاستفادة المنظمة من التغذية الراجعة، ووضع الأهداف التعليمية بحيث تصاغ بعبارات سلوكية واضحة ومحددة للمتدربين (أحمد الجهيمي، 2008، 55).
ومن هذا المنطلق كان لابد من الوقوف على مفهوم الكفايات التدريسية للمعلمين كمفهوم أساسي تطرقت إليه الدراسات والبحوث من وجهات نظر مختلفة كما سيأتي بيانه.
مفهوم الكفاية
الكفاية في اللغة:
جاء لفظ الكفاية في (لسان العرب، 1994، 32) هي" من كفى كفاية إذا قام بالأمر ويقال استكفينه أمر فكفانيه، وكفى كفاية فهو كاف".
تعريف الكفاية في الاصطلاح:
يعرفها (محمد الغزيوات، 2000، 5) بأنها "مجموعة المهارات التي يجب أن يمتلكها المعلمون، ويمارسونها في أثناء تدريسهم الصفي في مجالات (المحتــــــــوى، والأهداف، والوســــــــــائل التعليمية، والأنشطة التدريسية، وطرق التدريس، وإدارة الصف والتقويم).
ويعرفها (كمال الدين هاشم، 2004، 17) بأنها: "قدرة المعلم على توظيف مجموعة مركبة من المعارف وأنماط السلوك والمهارات أثناء آدائه لأدواره التعليمية داخل الفصل بدرجة لا تقل عن مستوى الإتقان الذي تم تحديده".
ويرى (رشدي طعيمه، 2006، 33) أنه ليس من اليسير تقديم تعريف اصطلاحي دقيق لكلمة كفايات لكنه قدم توضيحا لمعناها الشامل بأنها " مختلف أشكال الأداء التي تمثل الحد الأدنى الذي يلزم لتحيق هدف ما".
ويمكن القول بأن الكفاية قدرة مركبة تشمل المعارف والمهارات، وتستخلص الباحثة من مجمل التعريفات السابقة التعريف التالي للكفاية بأنها: "مجموعة من المعلومات والمهارات التي يجب أن يمتلكها معلم التربية الإسلامية ليكون قادرا على أدائها بكفاءة وإتقان عند تخطيط وتنفيذ وتقويم مقرر التربية الإسلامية وبشكل يمكن ملاحظته وقياسه".
مفهوم الكفاية التدريسية:
لاقت الكفايات التدريسية اهتماما كبيرا من جانب التربويين والباحثين في مجالات التربية وعلم النفس، هذا الاهتمام نتيجة إدراك القائمين على المؤسسات التربوية لأهمية المعلم كعنصر أساسي في العملية التعليمية.
حيث تعد الكفايات مجموعة من المعلومات والمهارات والاتجاهات التي تمكن المعلم من التحضير للموقف التعليمي (294,1980 ,Medly).
يذهب باتريسيا (Patricia, M) كما أورد (توفيق مرعي،1981، 23) إلى: "إن الكفايات ما هي إلا الأهداف السلوكية المحددة تحديدا دقيقا والتي تصف كل المعارف والمهارات والاتجاهات التي يُعتقد أنها ضرورية للمعلم إذا أراد أن يعلم تعليما فاعلا، أو أنها الأهداف العامة التي تعكس الوظائف المختلفة التي على المعلم أن يكون قادراً على آدائها".
ويري لويس (133,1995 ,Louis) أن الكفاية هي "القدرة على إنجاز النتائج المرغوبة مع الاقتصاد في الجهد والوقت والنفقات".
ويعرفها حمدان بأنها: "عبارة أو جملة تصف نوع القدرة أو المهارة التي سيحصل عليها المعلم ولها تأثير مباشر على تعلم التلاميذ، أو هي قدرة المعلم على استعمال مهارة خاصة أو عدة مهارات استجابة لمتطلبات موقف تربوي محدد" (محمد حمدان 1985، 160).
وتعرف بأنها: "امتلاك المعلم لقدر كافٍ من المعارف والمهارات والاتجاهات الإيجابية المتصلة بأدواره ومهامه المهنية، والتي تظهر في آداءاته وتوجه سلوكه في المواقف التعليمية المدرسية بمستوى محدد من الإتقان، ويمكن ملاحظتها وقياسها بأدوات معدة لهذا الغرض" (عبد الرحمن الأزرق 2000، 19).
كما ورد في تعريف الكفاية التدريسية أنها: تلك المقدرة المتكاملة التي تشمل مجمل مفردات المعرفة والمهارات والاتجاهات اللازمة لأداء مهمة ما أو جملة مترابطة من المهام المحددة بنجاح وفاعلية (سهيلة الفتلاوي 2003، 28).
ومن ملاحظة التعريفات السابقة يمكننا استخلاص ما يلي:
الكفاية التدريسية للمعلم تكتسب بفضل الإعداد الوظيفي، ويكون ذلك من خلال الإعداد الأولي للمعلم في معاهد التكوين أو في كليات التربية، أو من خلال التكوين والإعداد الوظيفي المستمر للمعلم في إطار استراتيجية التنمية المستمرة.
- تعبر الكفاية التدريسية عن مجموع المعارف والمهارات والاتجاهات التي يمتلكها المعلم.
- تظهر الكفاية التدريسية في سلوكيات المعلم التدريسية داخل الفصل.
- تعبر الكفاية التدريسية عن مستوى معين من التمكن من آداء المعلم للسلوك التدريسي وإتقانه له.
- تعبر الكفاية التدريسية عن أداء المعلم للسلوك التدريسي بدرجة عالية من التمكن وبأقل وقت وجهد ممكنين.
- تقاس الكفاية التدريسية بمعايير خاصة.
واعتمادا على هذه الملاحظات يمكن تعريف الكفاية التدريسية بأنها: تتمثل في قدرة المعلم على أداء السلوك التعليمي بمستوى معين من الإتقان وبأقل جهد وفي أقصر وقت ممكن، وذلك من خلال مجموع المعارف والمهارات والاتجاهات التي اكتسبها في إطار عمليات الإعداد والتكوين.
أهمية الكفايات التدريسية:
في ظل التطورات العلمية والتكنولوجية الحادثة في مجال التعليم، لم يعد دور المعلم مقتصرا على نقل المعرفة وتلقين التلاميذ وشرح الدروس، بل أصبح هو المخطط والمنفذ والمقوم للعملية التعليمية، وهو المرشد والموجه لتلاميذه في المواقف التعليمية من خلال ما يوفر لهم من خبرات تعليمية مربية ومؤثرة وفعالة.
كل هذا لا يتأتى إلا من خلال امتلاكه لكفايات متنوعة وكثيرة تتعلق بمهنته، هذه الكفايات أصبحت لازمة لأي معلم، فالمعلم بدونها لا شيء وعمله حينئذ يعتبر مضيعة للجهد والوقت وهدرا للطاقـــــــــــة، ومسؤولية المعلم ليست بالهينـــــــة فهو الناقل لتراث الأمـــــــــة وهو الذي يمد طلابــــه ويفيدهم ويعينهــــــــم على الاتصال الفعـــــــال والتكيــــــــف مع محيطهم الاجتماعي والمهني فيما بعد.
ومع تطور مهنة التعليم لم يعد يعول على الشهادة كثيرا فهي لا تعني أكثر من الإجازة في علم من العلوم، حيث انتقل الاهتمام من التركيز على الشهادة إلى التركيز على الأداء في المواقف التعليمية المختلفة.
ومع هذا التطور فإن المعلم أصبح أمام حقيقة واقعة مفادها أن المعلم الكفء هو الذي يمتلك المهارة اللازمة لأداء مهنة التعليم، لذا ظهرت حركة تربية المعلمين القائمة على أساس الكفايات وهي تركز على أن عملية التدريس الفعال يمكن تحليلها إلى مجموعة من الكفايات التي إذا أتقنها المعلم زاد احتمال أن يصبح معلما ناجحا، وتتمثل جوانب أهمية الكفايات التدريسية بالنسبة للمعلم كما ذكرها كل من (محمد العجمي، 2007، 121)، (سهيلة الفتلاوي، 2003، 89) فيما يلي:
- التحول من الاعتماد على مفهوم الشهادة أو المؤهل العلمي إلى الاعتماد على فكرة الكفاية والمهارة.
- اتساقها مع مفهوم التربية المستمرة وقيامها بمعالجة أوجه القصور في البرامج التقليدية لإعداد المعلم.
- تعدد الأدوار التي ينبغي أن يقوم بها المعلم، مما يتطلب قدرا من الكفايات التي يجب أن يلم بها.
- تطور مهنة التعليم ذاتها، فقد تفرعت العلوم التربوية والنفسية واتسعت مجالاتها، وترتب على ذلك أن أصبح التعليم مهنة معقدة تضم كثيرا من العناصر المتشابكة التي تحتاج إلى مهارات عديدة.
- اكتشاف تقنيات تعليمية جديدة تساعد المعلمين على تحقيق تعلم أفضل بأسرع وقت وأقل تكلفة وجهد، وهذا قد فرض على المعلم أدوارا جديدة تتطلب قدرات وكفايات تدريسية معينة.
المراجع:
- أحمد بن عبد الرحمن الجهيمي (2008): الكفايات التدريسية اللازمة لمعلمي العلوم الشرعية في المرحلة الابتدائية (عليا) ومدى ممارستهم لها من وجهة نظر المشرفين التربويين، مجلة كلية التربية جامعة الأزهر، عدد (135)، جزء (2)، ص ص (54 – 99).
- توفيق مرعي (1981): الكفايات التعليمية الآدائية عند معلم المدرسة الابتدائية في الأردن في ضوء تحليل النظم واقتراح برامج لتطويرها، رسالة دكتوراه غير منشورة، كلية التربية، جامعة عين شمس.
- رشدي محمد طعيمه (2006): المعلم كفاياته، إعداده، تدريبه، ط3، القاهرة: دار الفكر العربي.
- سهيلة محسن كاظم الفتلاوي (2003): كفايات التدريس، التدريب، المفهوم، الآداء، ط1، دار الشروق للنشر والتوزيع، عمان، الأردن.
- شهناز إبراهيم خليل الفار (2017): فعالية برنامج التأهيل التربوي المبني على كفايات المعلمين في تطوير كل من المعرفة البيداغوجية للمحتوى والتكنولوجية البيداغوجية لمحتوى العلوم لمعلمي الضفة الغربية، مجلة اتحاد الجامعات العربية للبحوث في التعليم العالي، مجلد (37)، عدد (1)، (229 – 254).
- كمال الدين محمد هاشم (2004): كفايات المعلم التدريسية في تخطيط التدريس: تنفيذ التدريس، التقويم في التدريس، ط1، القاهرة: مكتبة الرشد.
- محمد الغزيوات (2000): الكفايات التعليمية المتوافرة لدى الطلبـة المعلمـين تخصص معلم مجال اجتماعيات في جامعة مؤتة مـن وجهـة نظـر معلمـي الدراسات الاجتماعية المتعاونين في محافظة الكرك/الأردن، وأثره في تحصيل الطلاب الدراسي، مجلة جامعة الملك سعود، عدد (35)، ص ص (118 – 166).
- محمد حسنين العجمي (2007): التطور الأكاديمي والإعداد للمهنة الأكاديمية بين تحديات العولمة ومتطلبات التدويل، القاهرة: المكتبة العصرية للنشر والتوزيع.
- محمد زياد حمدان (1985): قياس كفاية التدريس وطرقه ووسائله الحديثة، ديوان المطبوعات الجامعية: الجزائر.
- Medly, Donald M& Patricia R. Cook (1980) "Research in Teacher Competency and teaching tasks, theory and practice ". Journal of teacher education, Vol. 45No.1.
تعليقات
إرسال تعليق