الأهمية التربوية للتعليم عن بعد
بخصوص الأهمية التربوية للتعليم عن بعد ... فلا أحد ينكر أهيمته الآن، وليس فقط لأهميته وإنما هو ضرورة عصرية يجب على المجتمعات التوجه إليها، حتى بعد انتهاء الأزمة الراهنة، فهو يمثل تجربة حية لمعطيات العصر الحالي في ذات الوقت وتلبية لاحتياجات سوق العمل.
والنظم التعليمية الحالية لا يمكنها تلبية الاحتياجات المطلوبة لتأهيل الأفراد لسوق العمل المتجدد والمتنوع، وهنا يأتي دور التعلم عن بعد في مراعاة المشكلات الحالية من ضعف الإمكانات والتغلب على قلة أعداد المعلمين ومراعاة الفروق الفردية، وتلبية احتياجات ذوي الاحتياجات الخاصة
فالتعليم عن بعد هو اتجاه مهم بكل وضوح، كما أن الاستثمار فيه بات واقعيا بشكل مباشر أو غير مباشر على المدى القريب والبعيد. وهو يمثل خبرات ورصيد حضاري للمجتمعات التي تتبنى هذا الاتجاه، وهو أيضا يجعل من المجتمعات مواكبة الركب التقدم ومسايرة للاتجاهات المعاصرة.
وهو يعد استثمارا في مجال التكنولوجيا بشكل أو بآخر، وهو أحد استثمارات الربح السريع، فهو لا يحتاج إلى رأس مال ضخم، كل ما يحتاجه هو فكر إنساني مستنير، وبنية تحتية تستطيع الصمود لفترات طويلة وبشكل مستدام إن جاز التعبير.
أما بالنسبة للتحديات التي تواجه التعليم عن بعد فهي تحديات عديدة. من أهمها (غياب الفلسفة الواضحة) فمعظم من يستخدمون التعليم عن بعد يستخدمونه بلا فلسفة | واضحة
وهنا يجب التنويه بأن فلسفة التعليم عن بعد تقوم في الأساس على فلسفة التعلم الذاتي، فلابد أن يكون الجميع - معلمين ومتعلمين على يقين بأن التعليم عن بعد هو أداة مساعدة وليست أساسية في العلمية التعليمية، وإنما المحدد الأساسي هو القدرة الذاتية على التعلم، فهو يمكن أن يساعد على توفير آليات ومصادر تعليمية ثرية ومتنوعة، ولكن في إطار من التعلم الذاتي
بالإضافة إلى أن هذه الفلسفة يجب أن تقوم على البدائل. فالتعلم عن بعد لا يجب أن يكون مجرد صورة إلكترونية للتعليم، فهناك صورا متعددة له كأن يكون بشكل متزامن، مباشر أو غير مباشر، مطبوع أحيانا، وصوتي أحيانا أخرى، وعلى هيئة مقاطع فيديو أحيانا۔
فمجمل القول إن التعليم عن بعد لا يجب أن يأخذ الاتجاه الإلكتروني فقط، وإنما يجب أن يكون له صورا متنوعة تلبي احتياجات الأفراد على اختلاف قدراتهم واتجاهاتهم، فلابد أن يتم تبني فلسفة التنوع في تناول التعليم عن بعد واستخدامه في العملية التعليمية.
كما أن المجتمعات تختلف في ثقافاتها واتجاهاتها مما يتطلب ضرورة التنوع في استخدام التعلم عن بعد، فإذا كنا ننوي بشكل جاد التوجه نحو التعليم عن بعد فلابد أن تكون هناك فلسفة واضحة تقوم على التعلم الذاتي - تنوع البدائل - تلبية الاحتياجات المختلفة بثراء) وهذا يتطلب عدم فرض أنماط معينة للتعليم عن بعد حتى لا يأخذ اتجاها خطيا كما ذكرنا من قبل.
التحدي الآخر هو (الثقافة) فالتعليم عن بعد ليس بديلا عن التعليم التقليدي كما هو راسخ في أذهان الكثيرين، وإنما هو مكمل له أحيانا، وموازي له أحيانا، وداعما له أحيانا أخرى.
ونتمنى أن يتكامل كلا من التعليم التقليدي والتعليم عن بعد حسب طبيعة المقررات الدراسية المختلفة، حيث إن هناك بعضا منها يتطلب تعليما تقليديا بشكل أكبر، بينما يتطلب البعض الآخر جانبا إلكترونيا بشكل أساسي، وكما ذكرنا فإن تنوع البدائل يمكن ان يحل تلك الإشكالية.
كما أن ثقافة المجتمع ونظرته إلى التعليم عن بعد نطرة سلبية إلى حد كبير، وذلك نظرا لغياب الجدية في استخدامه، وأيضا نتيجة للتلاعب في بعض مقدراته ونتائجه.
ومن هنا يجب تغيير الثقافة المجتمعية والاتجاهات نحو هذا النوع من التعليم، وذلك لن يتأتى إلا إذا تم تناوله بشكل جاد ومقنن في إطار تشريعي وفكري جاد وصارم، وأيضا من خلال المتابعة الدؤوبة للعملية التعليمة باستخدام هذا الاتجاه. وعلى ذلك فإن حل مشكلتي الفلسفة والثقافة يعد اساسا لقيام التعلم عن بعد.
وهناك تحد آخر وهو (المهارات) فالتعليم عن بعد يتطلب توافر قدرا من المهارات لدى القائمين عليه، فهو في النهاية عملية نقل للمحتوى، | فتناول المقررات والمناه التقليدية كما هي عبر الوسائط الإلكترونية يمكن أن يجعلها أكثر مللا ورتابة حتى من شكلها التقليدي.
فالبعد التفاعلي يلعب دورا كبيرا في الاتجاه نحو تعلم المحتوى، وغيابه يؤثر على ذلك المحتوى وتعلمه حتى وإن كان من خلال الوسائط الإلكترونية.
فالتعليم عن بعد يحتاج إلى فكر متنور وواعي، فالمعلم أو منشئ المحتوى يخاطب مجتمعا متنوعا في اتجاهاته وثقافته وهو يتطلب إعدادا مهاريا للقائمين عليه حتى يستطيعوا مواجهة ذلك التنوع في الثقافات والاتجاهات.
كما أن مهارات المستخدمين والمتعلمين لا تقل أهمية عن مهارات القائمين على التعليم عن بعد، فيجب إيجاد حلول كأن يتم تبسيط برمجيات وأدوات التعليم عن بعد ليتمكن المستخدم من التعامل معها بسهولة، أو توفير كتيبات وتوجيهات لاستخدام هذه البرمجيات التفاعلية .. وهكذا
التحدي الرابع هو (الإمكانات) فالإمكانات التي يتطلبها التعليم عن بعد ضعيفة في كثير من المجتمعات، وهو ما يجعل التعليم عن بعد -حتی وإن تم الإعداد له بشكل جيد - يفقد قوته الحقيقية، فعدم توافر الإمكانات من أجهزة وشبكات اتصال يمكن أت تفقد التعليم عن بعد جوهره الأساسي، وهو ما يؤثر على اتجاهات المستخدمين نحو هذا النوع من التعليم.
التحدي الخامس (المصداقية) فالمصداقية العلمية والمهنية للقائمين على هذا الأمر لا تقل أهمية عن التحديات السابقة التي تواجه التعلم عن بعد، كما أن مصداقية المستخدمين على جانب كبير من الأهمية ايضا وأخلاقيات الاستخدام.
التحدي السادس (التكامل) فيجب أن يتكامل التعليم عن بعد مع برامج التعليم الأخرى حت يمكن أن يحقق الأهداف المنشودة من كل منها بشكل متكامل.
تعليقات
إرسال تعليق