مفهوم ونشأة التعلم المعكوس Flipped learning
أولا: نشأة التعلم المعكوس:
ارتبط ظهور مفهوم التعلم المعكوس بتنظيم العمل في المدارس، ويعد أول من قام بعرضه Wesley Baker"" وذلك في المؤتمر الدولي الحادي عشر في التعليم والتدريس الجامعي في فلوريدا عام ۲۰۰۰م، حيث تم وصفه بأنه بيئة للتعلم تقوم على استخدام أدوات إدارة التعلم عبر الويب في تقديم المعرفة وتحقيق التعلم، وفي نفس العام قام كل من "Lage" و "Treglia" بنشر ورقة بحثية في مجلة التعليم الاقتصادي والتي أشاروا فيها إلى التطور التكنولوجي السريع وتعدد المصادر المعرفية عبر الويب التي خلقت بيئة تعليمية مميزة وأكثر تفصيلا من قبل المتعلمين بحيث يتوقف ذلك على كيفية توظيف هذه الأدوات التكنولوجية في التدريس وعرض المحتوى من خلال استخدام الوسائط المتعددة والمتنوعة، مع توفير الوقت داخل حجرات الدراسة في ممارسة المهارات العملية المرتبطة بالمحتوى الذي تم عرضه. (University of Minho, 2013).
كما يرجع ظهور مفهوم التعلم المعكوس في مجال التربية إلى "Bergmann" و "Sams' معلمي الكيمياء في أمريكا الشمالية وذلك عند إصدارهم لكتاب بعنوان اعكس صفك: تصل لكل متعلم في كل صف كل يوم Flip Your Classroom : Reach Every Student In Every Class Every Bergmann & Sams, 2012 ) " Day)، حيث قام كل من "Bergmann" و "Sams" في عام 2006 بتقديم نموذج التعلم المعكوس أثناء التدريس في "Woodland Park High School" في ولاية "Colorado" حيث واجها بيئة تعليمية ذات خلفيات ثقافية مختلفة وطلابا مختلفين في تفضيلاتهم واتجاهاتهم الأمر الذي أدى إلى انسحاب وغياب عدد كبير منهم عن الصف؛ مما أدى إلى اتباع طريقة يتم بموجبها تقديم الدروس وعرض المحتوى التعليمي عبر مقاطع فيديو مسجلة وذلك خارج أوقات الصف بحيث يخصص وقت الصف في ممارسة الأنشطة العملية والتدريب على المهارات المرتبطة بالمحتوى الذي تم عرضه عليهم، وقد تحقق النجاح في عام ۲۰۱۲ عندما قاما بإنشاء شبكة للتعلم المعكوس على الرابط التالي: http://flippedlearning.org والتي تعد أرشيفا كاملا بالمراجع التي قد يحتاجها كل من يفكر في استخدام هذا النموذج في التدريس (2012 ,Ash).
ويضاف لذلك مجهودات جامعة ستانفورد "Stanford University" في عام ۲۰۱۱ عندما قام عدد كبير من أعضاء هيئة التدريس بها بطرح مقرراتهم إلكترونيا لتدريسها عبر الويب واستغلال أوقات المحاضرات في الممارسة والتدريب العملي، حيث قام بدراستها أكثر من 160 ألف طالب، ثم قامت جامعة بنسلفانيا "Pennsylvania University" ومنتشجان "Michigan University" بمشاركتها هذا المشروع ومن بعدها جامعة هارفارد "Harvard University" التي دعمت هذا المشروع؛ لتوفير فصول متكاملة مجانية عبر الويب.
وبدأ المشروع ينتشر وتستخدم منتجاته عبر الجامعات الأمريكية الواحدة تلو الأخرى، ومنه إلى المؤسسات التعليمية الخاصة حتى أصبح هناك ضغط على صانعي السياسات التعليمية في أمريكا لتغيير أيدولوجياتهم الفكرية بالاتجاه نحو بيئة التعلم المعكوس (.(Bishop& Verleger, 2013
كما تؤكد حنان الشاعر (2014، 135-۱۷۲) إلى أن من أهم أسباب ظهور وانتشار التعلم المعكوس ظهور التطبيقات التكنولوجية الحديثة وانتشار استخدامها في التعليم، ولكونه يساعد على استغلال وقت المتعلم في المنزل للتعلم والتفاعل مع المحتوى التعليمي واستغلال وقت الصف في ممارسة الأنشطة وحل الواجبات المنزلية، والتفاعل مع المعلم وجها لوجه، وحل المشكلات التي لا يمكن للطالب حلها بمفرده وهذا هو الهدف المراد تحقيقه، وهو بذاته المفهوم الرئيس للتعلم المعكوس.
مفهوم التعلم المعكوس:
تزخر الأدبيات التربوية المعاصرة بالعديد من التعريفات الخاصة بمفهوم التعلم المعكوس، وفيما يلي عرض لأهم تلك التعريفات:
يشير كل من بيرجمان، وسامز (23 ,2008) Bergmann & Sams إلى أن المعنى اللغوي المصطلح "Flipped Learning" يعني التعلم المقلوب أو التعلم المعكوس؛ والمعنى الاصطلاحي يعني استخدام تكنولوجيا الإنترنت للاستفادة منها في تعليم الطلاب، وذلك بهدف تمكن المتعلم من قضاء مزيد من الوقت لممارسة الأنشطة داخل القاعة الدراسية بدلا من تلقي المحاضرات.
وتشير مكدانيل (2013) McDaniel إلى أن مؤسسة EDUCAUSE الرائدة في الاستخدام الفعال لتقنية التعليم تعرف التعلم المعكوس بأنه: نموذج تربوي يقوم على عكس المحاضرات والواجبات المنزلية ويعتمد على استراتيجيات مثل التعلم النشط والمشاركة الطلابية، ويعتمد في تصميمه على التعلم المدمج، وتحويل زمن المحاضرة الدراسية إلى ورش عمل بحيث يتمكن الطلاب من الاستفسار عن محتوى المحاضرة، واختبار مهاراتهم في تطبيق المعرفة والتفاعل مع بعضهم البعض في التدريب العملي.
ويعرف حمدان، وآخرون (Hamdan, et al, 2013, 5) التعلم المعكوس بأنه: بيئة تعليمية تقوم على تقديم المحتوى التعليمي للمتعلمين في المنزل عن طريق ملفات الفيديو والمواقع التعليمية الإلكترونية، ثم يذهب المتعلمون للقاعة الصفية ليلتقوا وجها لوجه مع المعلم، ليناقشهم فيما شاهدوه وتعلموه، ويصمم لهم أنشطة مختلفة ويدعمهم لتنفيذها.
وتعرفه ابتسام الكحيلي (2015، 35) بأنه: استراتيجية تعليم وتعلم مقصودة توظف تكنولوجيا التعليم من فيديوهات وغيرها) في توصيل المحتوى الدراسي للطالب قبل المحاضرة الدراسية وخارجها لتوظيف وقت المحاضرة لأداء الواجب المنزلي وللممارسة الفعلية للمعرفة عبر الأنشطة المختلفة.
وأيضا يعرفه كل من الطيب هارون، محمد سرحان (2015، ۲۸۹) بأنه: بيئة تعليمية تقوم على التعلم المتمركز حول المتعلم وتتضمن أنشطة تعلم تفاعلية لمجموعات صغيرة داخل القاعة الدراسية، وتعلم فردي مباشر معتمد على تكنولوجيا الحاسوب خارج القاعة الدراسية.
ويعرفه أكرم علي (۲۰۱۰، ۸) بأنه: شكل من أشكال التعليم المدمج يتكامل فيه التعلم الصفي التقليدي مع التعلم الإلكتروني بطريقة تسمح بإعداد المحاضرة عبر الويب، ليطلع عليها الطلاب في منازلهم قبل حضور المحاضرة ويخصص وقت المحاضرة لمناقشة التكليفات والمشاريع المرتبطة بالمقرر.
ويرى محمد خلاف (2016، ۲۹) أن التعلم المعكوس عبارة عن: طريقة تدريس تعتمد على تلقي المتعلمين المحتوى التعليمي الجديد في المنزل باستخدام ملفات الفيديو أو عبر الإنترنت ثم مناقشة ما تلقوه والتدريب عليه بتوجيه من المعلم في القاعة الدراسية بدلا من الطريقة المعتادة التي يعمل فيها المعلمون على عرض المحتوى التعليمي الجديد في الصف ويتولى المتعلمون تدريب أنفسهم في المنزل.
ويعرفه يوشيدا (430 ,2016) Yoshida بأنه ذلك النوع من التعليم الذي يمكن الطلاب من استغلال جزء أكبر من وقت التدريس للأنشطة الدراسية، ويكون التركيز فيه على عملية التعلم التي يقوم الطالب بها من أجل إتقان المحتوى التعليمي.
المراجع:
- ابتسام سعيد الكحيلي (2010). فاعلية الفصول المقلوبة في التعليم، المدينة المنورة، السعودية: مكتبة دار الزمان.
- أكرم فتحي مصطفي علي (2015). تطوير نموذج للتصميم التحفيزي للمقرر المقلوب وأثره على نواتج التعلم ومستوي تجهيز المعلومات وتقبل مستحدثات التكنولوجيا المساندة لذوي الاحتياجات الخاصة. المؤتمر الدولي الرابع للتعليم الالكتروني والتعليم عن بعد، الرياض.
- حنان محمد الشاعر (2014). أثر استخدام ونوع النشاط الإلكتروني المصاحب لعرض الفيديو في نموذج الفصل المقلوب على اكتساب المعرفة وتطبيقها وتفاعل الطالب أثناء التعلم. مجلة دراسات عربية في التربية وعلم النفس، 46 (۳)، ۱۳۰- ۱۷۲.
- لطيب أحمد حسن هارون، محمد عمر موسي سرحان (2010). فاعلية نموذج التعلم المعكوس في التحصيل والأداء المهارات التعلم الإلكتروني لدى طلاب البكالوريوس بكلية التربية. المؤتمر الدولي الأول: التربية آفاق مستقبلية - كلية التربية - جامعة الباحة - السعودية، مج۲، الباحة، السعودية: كلية التربية، جامعة الباحة، 686 - ۷۰۳.
- محمد حسن رجب خلاف (2016). أثر نمطي التعلم المعكوس (تدريس الأقران الاستقصاء) على تنمية مهارات استخدام البرمجيات الاجتماعية في التعليم وزيادة الدافعية للإنجاز لدى طلاب الدبلوم العام بكلية التربية جامعة الإسكندرية، دراسات عربية في التربية وعلم النفس، كلية التربية، جامعة الإسكندرية، ع۲۷.
- Ash, K. (2012). Educators evaluate 'flipped classrooms'. Education Week, 32, 86-8. Retrieved from.
- Bergmann, J & Sams, A. (2008). Remixing Chemistry Class Report Learning & Leading With Technology December/January 9- 2008.
- Bergmann, J & Sams, A. (2012). Flip your classroom: Reach every student in every class every day. New York, NY: International society for technology in education.
- Bishop, J & Verlager M. (2013). The flipped classroom: A survey of the research', 120th Annual ASEE Annual Conference & Exposition Available, Atlanta, USA, 23-26th June.
- Hamdan, N& McKnight, P& Arfstrom, K. (2013). A review of flipped learning, the FLN's Research Committee, George Mason University, Retrieved from www.flippedlearning.org
- McDaniel, S & Bonamici, J & Andrew, V. (2013). Things You Should Read About Flipped Classrooms, EDUCAUSE Learning Initiative (ELI) Type Articles, Briefs, Papers, And Reports.
- University of Minho at Portugal (2013). Creative classrooms lab guide: Learning story flipped classroom: What is the flipped classroom model, and how to use it? Pan-European policy experimentations with tablets, Retrieved from. http://creative.eun.org
- Yoshida, H. (2016). Perceived Usefulness of “Flipped Learning” on Instructional Design for Elementary and Secondary Education: With Focus on Pre-service Teacher Education International Journal of Information and Education Technology. 6 (6) 430-434.
تعليقات
إرسال تعليق